السبت، ١٥ نوفمبر ٢٠٠٨

مذكرات عسكري مصري (1)


دخلت الجيش ، كنت سعيدا جدا ، بت أعد العدة ، أتمم على أشيائي المطلوب أخذها، طلب منا الجاويش أن نحضر ماكينة الحلاقة، علبة ورنيش، الملابس الداخلية، خيطا وإبرة، فقط لا غير، سوف تفتش الحقائب وأي شيء غير هذا سوف يرمى.
كان الغد أول يوم في رمضان، هذا هو المؤسف في الموضوع ، أحب جو رمضان في البلد ، يا لله ، لن افطر حتى في البيت ، فقط سأتناول السحور في آخر ليلة من شعبان وأمشي مباشرة بعد الفجر وأفطر في الجيش ، لم تنس أمي تزويدي بكل ما يمكن تزويدي به من أطعمة تنفعني في رمضان . صليت الفجر وتوكلت على الله ، الجو بارد جدا قارص البرودة جسدي يقشعر ، والشمس لم تطلع بعد ، لا بد أن أكون في محطة القطار الساعة السابعة ليذهب بنا شاويش لمركز التدريب ، كنت قد سمعت سلاحي ، المشاة قيادة ، ومركز التدريب في إحدى محافظات الوجه البحري ، لم أزرها من قبل بي شوق وتلهف ، وبي قلق ورجفة ، أتخيل نفسي أضرب النار، وأجري صباحا ، وأتدرب على الخطط العسكرية ، وأجتاز الموانع وأعبر الأسلاك الشائكة ، وقلق من الحياة العسكرية الصارمة لكنه قلق خفيف تحجبه عن البروز لمنطقة الوعي صور كثيرة لما يمكن أن تكون عليه الحياة العسكرية ..
شباب من كل جهة ، ومن محافظات كثيرة ، يتجمعون أمام الرصيف المحدد لاستقلال القطار الحربي ، وجوه مختلفة كلها شاردة ، ترى هل يفكرون فيما أفكر فيه ، هل هم سعداء ، هل هم حزانى ، هل هم يتفكرون في جو رمضان الإيماني الروحي العظيم ، لكل منهم أفكاره لا شك لكن لم أشغل نفسي بهم فلأنشغل فيما أنا مقبل عليه ، أعدت فتح الحقيبة والتأكد من أنني لم أنس شيئا رغم أنها أشياء معدودة لا تنسى ، ومع ذلك نسي الكثير من زملائي هذه الأشياء فهرولوا يشترون الورنيش أو رباط الحذاء أو ماكينة حلاقة الذقن من البائعين المنتشرين حول محطة مصر ركبنا القطار مع الشاويش ، لا أدري فيم ضاع كل هذا الوقت ، يبدو أننا لم نبدأ التحرك إلا ظهرا أساسا لكن فجأة المغرب يؤذن ونحن ما زلنا في القطار ، رددنا الأذان مع المؤذن ثم فتح كل شخص حقيبته ليخرج ما بها من طعام يفطر عليه ، البعض لم يكن قد مستعدا لكن بكل أريحية الكل يشارك الآخر طعامه ، فما أكثر الكرم في شهر رمضان ، وما أكثر الدعوات التي توجه فيه ، الكل يصر ويدعو من بجانبه أن يشاركه طعامه والآخر يشاركه أيضا ، ولا أحد يعرف أحدا.
أخيرا وصلنا بعد ضياع اليوم بأكمله في المواصلات وصلنا ليلا لنجد في استقبالنا صفي ضابط متطوعين ، أحدهما اسمه شعبان كما عرفه بنفسه بفخر -لكن لا تثقوا كثيرا في صحة الاسم فهو من اختراع اللحظة بعد أن فشلت في تذكر اسمه رغم تكرار المحاولة- والآخر اسمه عبد الهادي، الآخر هذا كان طيبا جدا ولا يمكن أن أنساه بعكس الأول، ومع ذلك ورغم أني ما زلت أذكر وجهه جيدا ، لكن لم أستطع للأسف تذكر اسمه فاخترعت له هذا الاسم كسابقه ، سوف نتعامل معهما بهذين الاسمين من أجل أن يستمر الحوار ، لعنة الله على الزهايمر ، لقد أفسد علي السرد فقد كانت الأفكار تتزاحم في ذهني على الخروج في صورة حروف لولا هذين الشاويشان ومحاولة تذكر اسميهما أفسدت كل شيء ، لذا أكمل معكم غدا إن شاء الله

ليست هناك تعليقات: