الثلاثاء، ٧ فبراير ٢٠١٢

عبد المنعم الشحات وفتاوى المزايدات

تصريحات الشحات الأخيرة تثير الاشمئزاز فهي من باب الفقه والفتوى قائمة على مغالطات لا أدري أتعمدها فيوصف بالمتاجرة بالدين لتحقيق أهواء شخصية ، أم لم يتعمدها فيوصف بالجهل، وسأعود للتفصيل، وهي من باب السياسة ليست من السياسة في شيء أن يخرج مخالفا للرأي العام مهاجما ضحايا أبرياء قضوا في ريعان الزهور واصفا إياهم أنهم ماتوا في سبيل الكرة، كلام لا يقوله رجل عنده أدنى قدر من الإنسانية والمسؤولية وأعتقد أنه لو كان ابن الشحات أحد هؤلاء الضحايا الأبرياء لتغير الموقف ولخرج يندد بالمجرمين الذين قضوا على فلذة كبده، ونحن لا نتمنى الموت لبريء لكننا كنا نتوقع منه أن يقول خيرا أو ليصمت على الأقل من باب الإنسانية والرحمة مراعاة لمشاعر الثكلى والآل والأقارب الذين فقدوا ضحايا أبرياء..عبد المنعم الشحات يقول إن الرياضة التي أحلها الإسلام هي ثلاثة فقط وما عداها حرام وخص الثلاثة بالسباحة والرماية وركوب الخيل وهي لعمري فتوى لا يقولها مسلم عنده أدنى درجات العلم فلا أدري من أين استقى الشحات هذه المعلومات فالحض على تعلم هذه الرياضات الثلاث لم يكن بحديث أو آية بل أثر مروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولا يؤخذ منه حل ولا حرمة ولا يعني هذا حرمة الباقي فليس فيه أي تخصيص ، والأصل في الأشياء الإباحة كما يقول العلماء وإنما يحتاج التحريم لدليل فما لم يرد دليل على التحريم يبقى الشيء على أصله وهو مباح فالشرع لم يعدد لنا الحلال والمباح، وإنما عدد الحرام ، لم يأت الشرع ليفصل حكم أكل الباذنجان أو البامية أو الأرز وإنما أتى يحرم علينا من الأطعمة لحم الخنزير والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع، وبعض الأشياء التي فصلتها السنة وما لم يأت دليل على التحريم ونص يبقى كل الأطعمة والأشربة مباحة وحلال وهكذا في سائر الأشياء، والأصل في الرياضة أنها من اللهو المباح والتحريم يحتاج لدليل فمن أين أتى الشيخ بحرمة الكرة، وثانيا بناء على أصله هذا يكون الجري محرما ويكون الرسول ارتكب محرما فالجري لم يكن في الرياضات الثلاث التي حض عمر بن الخطاب على تعلمها ومع ذلك ورد عن الرسول عليه الصلاة والسلام أنه سابق السيدة عائشة فسبقها مرة وسبقته مرة وقال لها هذه بتلك، فما قول الشحات في هذا؟ أهي رياضة محرمة أيضا؟!!ففي الحديث الصحيح (قتل المسلم شهادة، والطاعون شهادة، والمرأة يقتلها ولدها جمعاء شهادة...) وفي الحديث الآخر (من قتل دون ماله فهو شهيد ومن قتل دون أهله فهو شهيد ومن قتل دون دينه فهو شهيد ومن قتل دون دمه فهو شهيد)... وغيرها من الأحاديث لا أدري هل اطلع عليها الشحات وتعمد إنكارها أم تجاهلها عمدا...حين خرج علينا المفتي منذ عدة أعوام لينفي الشهادة عن هؤلاء المساكين الذين قضوا غرقا على سواحل إيطاليا بحجة أنه سفر غير شرعي ولا أدري ما هي قواعد الشرع في السفر ولم يكونوا ذاهبين لحانات أوروبا بل ضاقت بهم سبل العيش في مصر ففروا يلتمسوا رزق الله في الأرض تطبيقا لقوله تعالى (فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور) هاجمه الكثيرون من السلفيين ومن غيرهم وما أشبه الليلة بالبارحة ها هو الشحات في خضم الأزمة ودماء الشهداء والضحايا لم تجف بعد ودموع الثكالى لما ترقأ بعد متحديا مشاعر الحزن والأسى ومشاعر السخط ليقول إن هؤلاء ماتوا في سبيل الكرة وليسوا شهداء وأنها لهو محرم والمباح في الإسلام رياضات عددها هو من تلقاء نفسه.. اتق الله يا شحات ، دماء المصريين ليست رخيصة، وأرواح المسلمين ليست رخيصة، ومشاعر الأسى عند آل وذوي هؤلاء ليست هينة لا أتمناها لك ولا لمسلم لكنها ليست بتلك البساطة التي تلقي بها كلماتك الفجة هذه وسط جمع يطأطئ لك رأسه صامتا ولا يخرج أحدهم لينزلك من على المنبر ذلك المكان الذي صعده قبلك سيد البشر رسول الله وكأني بهم ليس فيهم رجل رشيد ينهاك ويعظك، اللهم هل بلغت اللهم فاشهد

السبت، ٢٤ سبتمبر ٢٠١١

شهادة المشير

لقد شهد المشير لصالح مبارك وهذا كان المتوقع ، ولا أراه سيئا بل هو يحمل في طياته الخير لأنه يكشف القناع عن النفاق لكني أتساءل اذا كان الجيش حمى الثورة وكان يتشدق بهذا في الإعلام فمم حماها ما دامت لم تصدر له الأوامر بإطلاق النار على المتظاهرين ، نرجو أن يكف عن ترديد هذه الأسطوانة المشروخة بعد ذلك فقد سقطت الأقنعة وبان كل كذاب ذو وجهين

الجمعة، ٢٤ سبتمبر ٢٠١٠

كل شيء صار مستفزا
كل شيء صار مثيرا للأعصاب
كل شيء صار يورث الجنون
ماذا عن ما يسمى السعادة وراحة البال
هل صارت مجرد كلمات تحفل بها المعاجم فقط ويخدعنا بها الأدباء؟

الخميس، ١٦ سبتمبر ٢٠١٠

تضطرم الأمواج وتهيج الريح
ولست بالربان الماهر
أحاول الحفاظ على الاتزان دون جدوى
المشكلة أن الأعاصير تهب من جميع الجهات وتمزق جميع الأشرعة ، وقد تخلى عني الملاحون ، أقود السفينة وحدي ، ابحث عن مساعد
أحارب الريح وحدي ، اليوم تمزق آخر الأشرعة ، لا أجيد الرتق والترقيع ، إذ دائما الريح تمزق ما قمت برتقه ،
تحجب السحب أشعة الشمس ، وتتكاثف لتحجب ضوء القمر ، وترسل الرياح لتطفئ نور الشموع
وما زلت أحاول الرسو بالسفينة على بر الأمان
كلما لاحت لي جزيرة الخلاص والأمل ، وكلما اقتربت ثارت الأمواج وأبعدتني ثانية
لم لا تترك السفينة وتلقي بنفسك وسط الأمواج فالرفاق قد رحلوا

الثلاثاء، ١٤ سبتمبر ٢٠١٠

ياه ما أطول هذا العام وأقصره في نفس الآن
قصيرا إذ لم أنتبه إلى أنه مر عام منذ دخولي الأول والثاني هذا
وطويلا لأنه كان حافلا بالأحداث المهمة ، ناس رحلوا وناس وصلوا ، ثم تجربة الاغتراب الأول
كثيرة هي تلك الأحداث
لكن مرت بسرعة
سوف أعود لأحكي عنها

الاثنين، ١٣ سبتمبر ٢٠١٠

عودة

سنة وأربعة أشهر منذ آخر زيارة لي
دخلت بالصدفة أمس ، كان الرابط مفقودا ، جلست على جهاز صديقي بالصدفة أبحث عن موقع يوتيوب ، فتحت المفضلة فوجدت هذا الرابط لمدونتي
إيه يا مدونتي اشتقتك هنا ما لم أنشره من قبل ولم أكتبه مرتين
عائد لك ، فهمها نأى المسافر لا بد يوما أن يعود إذا رزق السلامة

الخميس، ٢٨ مايو ٢٠٠٩

امسح دموع نفاقك يا فضيلة المفتي

طلع علينا المفتي بوجه حزين ونبرات باكية ودمعات كاذبة ينعي حفيد رئيس الجمهورية ، وكم كان نبيلا أن نرى هذا الموقف الإنساني الرائع أن نرى المفتي يبكي لوفاة طفل شفقة وحنانا وتأثرا ، ومواساة لأهله ، كان جميلا أن نرى المفتي من برجه العاجي يشارك الناس أحزانهم وأتراحهم ...لكن كان الأجمل لو كان هذا صدقا وحقيقة لكن الحقيقة أن فضيلة المفتي هو أكبر منافق شهدته البلاد ، وقبل أن يتهمني أحد بأني أشق عن قلبه وأحكم لا عن بينة أقول لكم أمهلوني قليلا حتى أكمل كلامي ثم احكموا بعد انتهاء المقال.لا شك كلنا تأثر لوفاة طفل هو في النهاية ما زال في طور البراءة لم يرتكب وزرا يحاسبه الله عليه ، تأثرنا له ولمصاب الموت مثلما نتأثر لوفاة أبنائنا في فلسطين وفي العراق وفي كل مكان ، لكن العجيب أننا لم نر هذه المشاعر من المفتي من قبل ، لم نر المفتي ذرف دمعة واحدة على أبنائنا في غزة وقد ضربوا بالفسفور الأبيض ولقوا أبشع الميتات دون أدنى قدر من الإسعافات الأولية ، مات أبناؤنا هناك ولم يجدوا أمهر الأطباء يسارعون لمحاولة إنقاذهم ، ولم يجدوا طائرات تطير فورا بهم إلى فرنسا لعرضهم على أكبر الأخصائيين ، ماتوا في صمت وفي بشاعة والصور تحكي عنهم أبشع ما يتخيله المرء في كابوس ، ولم نر دمعة واحدة ذرفها المفتي أو كلمة مواساة واحدة ، ودعنا لا نبتعد كثيرا فربما كان المفتي لا يتابع نشرات الأخبار ولم يعرف بما حدث لإخواننا في غزة ، منذ شهور قليلة غرق مركب يقل عشرات المصريين في طريقهم إلى إيطاليا ، وبكى الشعب كله هؤلاء الشباب الذين ماتوا في ريعان الشباب ، وبكوا ظروفهم التي اضطرتهم لهذا ، ورحمهم الجميع ، لكن أبدا لم يرحمهم المفتي ، لم يرحم أحزان أهلهم ، ولم تهتز منه شعرة لمصابهم وليتهم التزم الصمت فلم ينطق بخير أو شر ، بل خرج علينا كالمتشفي ، لابسا رداء الدفاع عن الإسلام وهو لعمري رداء فضفاض عليه لا يليق به ، خرج متشفيا ينكأ جراح أهله ليقول لهم لا تحتسبوهم شهداء عند الله فهي ليست شهادة ما دامت هجرة غير شرعية ، لم يرحم ذويهم ، ولا أسرهم ، ولا ذرفت منه الأحداق ولا وجل منه الفؤاد ، ولا نطق لسانه بكلمة تعزية واحدة لأهلهم المفترض أنهم أهله ناسيا أنهم أبناء هذا البلد الذي يأكل من خيره ويعيش في جواره ، رافعا راية الإسلام ، أين كانت رحمتك هذه يا فضيلة المفتي ، أين كانت دموعك وقتها ولو كذبا ، ما دمت تجيد ذرف الدموع كما رأينا ، وتجيد تقديم كلمات التعازي كما سمعنا؟أقول إن فضيلة المفتي إما أكبر منافق شهدته البلاد طوال تاريخها ، أو أنه أحقر أناني رأته عيناي ، وهما قضيتان لا ثالث لهما يا فضيلة المفتي ، إما أن دموعك كاذبة ذرفتها نفاقا مفضوحا وهو عهدنا بك وظننا فيك لما رأيناه منك ، وإما أن دموعك صادقة ذرفتها تأثرا ، وهذا يعني أنك شخص لا يرق قلبه سوى لأسياده ، وأنك ترى أنهم أبناء السادة وهم فقط البشر وبقية الشعب رعاع عبيد لا قيمة لهم ، ولا يستحق موت مائة أو ألف أو حتى مليونا دمعة واحدة منك ، فأيهما أنت يا فضيلة المفتي ؟؟لذا أقول لك جفف دموع النفاق يا فضيلة المفتي ، فقد أصابتنا بالغثيان ونفاقك أصابنا بالاشمئزاز ، وحسبنا الله ونعم الوكيل يا فضيلة المفتي.

عزازيل

انتهيت مؤخرا من قراءة رواية عزازيل لكاتبها المبدع الدكتور يوسف زيدان ، طبعا الرواية غنية عن التعريف خاصة بعدما فازت بالجائزة العالمية لأفضل رواية عربية هذا العام ، وطبعت الطبعة السادسة ، الرواية من إصدار دار الشروق ، ولعل السبب في شهرة الرواية من وجهة نظري هو الضحة التي أثارتها الكنيسة المصرية ضد الرواية ورفعهم دعوى قضائية ضد يوسف زيدان مطالبين بمصادرتها ، ويوسف زيدان لمن لا يعلم هو رئيس قسم المخطوطات بمكتبة الإسكندرية ، وهو رجل له ثقله ومعروف كباحث وعالم وهذه هي روايته الأولى التي يدخل بها عالم الشهرة والإبداع الروائي من أوسع أبوابه..الإبداع الذي أقصده هنا هو المدخل الذي اتخذه يوسف زيدان لكتابة الرواية فهو أسلوب فريد مبتكر يجمع بين الحقيقة والخيال والإبداع ، القصة أصلا تستند إلى مخطوطات سريانية حقيقية عثر عليها المؤلف ، فصاغ أحداث القصة في قالب روائي يستند لتلك المخطوطات ويناقش أصول الديانة المسيحية والخلاف الكنسي القائم بين قساوستها في القرن الرابع الميلادي ، الرواية يقدمها يوسف زيدان على أنه مترجم عثر على مخطوطات مكتوبة باللغة السريانية لراهب مصري قديم اسمه هيبا ، ثم يبدا في سرد المخطوطات ، قد يبدو الاسم في البداية بعيدا عن مضمون القصة حيث اختار لها المؤلف (عزازيل) وهو أحد اسماء الشيطان باللغة العبرية ، لكنه له دور فلسفي مهم جدا يتبدى في حوارات ومجادلات هيبا مع عزازيل في طيات الرواية..الرواية تناقش تاريخ كنيسة الإسكندرية أثناء تولي أسفقيتها الأسقف كيرلس وتقدم أحداثا تاريخية معلومة في محاربته للعم وقتل العلماء في وقته بدعوى أنهم وثنيون وهدم المعابد وقتل الفلاسفة ومن يفكر في دراسة الفلسفة والرياضة ، ثم الخلاف الذي ينشأ بينه وبين الأسقف نسطور والعقيدة النسطورية معروفة وهو خلاف جوهري في أصل الديانة حيث كان نسطور يعتقد بأن المسيح بشر وليس إلها ولا ابن إله إنما هو مجلى لكلمة الله ، وعليه فالعذارء ليست ثيوتوكوس (أم الإله) بل هي بشر حيث لا يجوز الاعتقاد بأن الإله ولد ناقصا من رحم امرأة بشرية ، وبدأ ينمو ويحتاج لتغيير القماط ، كان هذا نص كلام نسطور ، وخالف الرأي بالطبع الاسقف كيرلس والكنيسة المصرية واحتدم الخلاف بينهما حتى عقدوا مجمعا مسكونيا عزلوا فيه الأسقف نسطور وحكموا عليه بالحرم والطرد ، وكذلك فعل نسطور ، حتى حسم الإمبراطور الأمر بالانحياز لصف كيرلس والكنيسة المصرية لعوامل سياسية فاقر عزل نسطور ونفيه ، القصة لا تكتفي بتصوير الصراع الكنسي هذا فقط ، بل لا تغفل الجوانب الإنسانية في حياة هيبا كراهب وهب حياته لمحبة الرب لكنه أيضا كبشر له شهواته وميوله ونزواته والصراع بينه وبين عزازيل ينتصر فيه عزازيل حينا وينتصر فيه الإيمان حينا آخر ، الراهب يعيش قصتي حب واحدة مع أوكتافيا ملطخة بالخطيئة ، ثم يفر من الخطيئة ومن مصر كلها ، والثانية مع مرتا في حلب ويصور الصراع النفسي الرهيب بين حلمه في الرهبنة ومعرفة أصول الديانة، وبين حبه البشري لها ، وفي الحالتين يستسلم هيبا للمقادير تجري كيف شاءت ...القصة لا يمكن الاستغناء عن قراءتها وأنصحكم جميعا بقراءتها ، النسخة الإلكترونية متوافرة والنسخة الورقية من إصدار دار الشروق لمن أحب شراءها.

الجمعة، ١٢ ديسمبر ٢٠٠٨

قرأت لك (ملحمة الحرافيش)

هذه فكرة موضوع متجددة إن شاء الله.انتهيت من قراءة ملحمة الحرافيش ، ليست المرة الأولى بالطبع لكن أحسست بالحاجة لإعادة قراءتها خاصة أن أحداثها كلها أو أغلبها تفلتت من الذاكرة .لست بحاجة للثناء على أسلوب نجيب محفوظ أو لغته أو آلياته الفنية خاصة في هذه الرواية الرائعة فهو معروف للجميع لكن سأتحدث عن الفرق بين الرواية وبين العمل السينمائي وكيف أساءت السينما لأعمال رائعة كهذه الأعمال ، كنت أتساءل قديما كيف يرضى نجيب محفوظ أن يسيء مخرج تافه ضيق الأفق والنظرة ، محدود الخيال ، سطحي التفكير ، لأعماله الرائعة الخصبة الثرة الحية ، أو كيف يرضى خيري شلبي على عملقته أن يحول كاتب سينارست تقريبا بالكاد يجيد كتابة اسمه أو فك الخط فيحول أعظم أعماله على الإطلاق وهي الشطار إلى ذلك المسخ المشوه اللقيط الذي قدمته السينما المصرية بنفس الاسم وهو ما يغيظني في الواقع فلو اسموه أي اسم شاءوا ما لامهم أحد لأنه عمل لقيط يختلف تماما عن القصة ، وأنا كقارئ اغتظت لهما فكيف بهما ، لكن توصلت إلى أن هؤلاء الكتاب لا يعرفون بالطبع أن السينما ستفعل هذا بأعمالهم ويتخيلون أنهم سيقدمونها كما كتبوها فيتورطون في توقيع العقود ثم يفاجؤون بما يحدث ، لكني لا أعفيهم من المسؤولية فكان ينبغي إذ وافقوا على تقديم أعمالهم المكتوبة إلى أعمال مرئية أن يتابعوا تنفيذها وإخراجها أو يعرض عليهم النص على الأقل ليوافقوا أو يرفضوا ، عامة ليست هذه مشكلتي ، لكن بصراحة الإساءة الأبلغ كانت لنجيب محفوظ وملحمته الرائعة التي هي درة ما كتب وأروع ما كتبه على الإطلاق ، حتى إن من لم يقرأ الرواية ستعزف نفسه عن قراءتها بعد أن شاهد الأفلام المملة التي لم يفهم منها شيئا ، قولوا لي بالله عليكم أيها العقلاء هل يصلح محمود يس لتمثيل دور فتوة أو عزت العلايلي ، فلا المواصفات الجسدية متناسبة ولا أديا الدور بإتقان يجعلك تقتنع بأنه حتى صبي فتوة.ملحمة نجيب محفوظ عبارة عن عشرة قصص تتبع فيها سلالة آل الناجي ابتداء من مؤسسها الجد الأكبر عاشور الناجي انتهاء بعاشور الناجي أيضا لكنه الحفيد ، أو هي قصة التوت والنبوت آخر حكاية في حكايا الحرافيش ، قامت السنما باجتزاء بعض القصص منها لتقدمها في أفلام مستقلة وعمد المخرجون للتكرار والاقتباس والنقل والتحريف والتشويه ، فلم يقدموا القصة كما كتبت بل أرادوا لهذه البداية أن تكون لهذه النهاية ، مع بعض التفاهات الرخيصة في بعضها .قدمت السينما عدة اعمال مقتبسة من الحرافيش منها فيلم يحمل هذا الاسم (الحرافيش) قام ببطولته محمود يس وصلاح قابيل ، تقريبا الربع الأخير من الفيلم مع الربع الأول والثالث منه لا يمتوا للقصة بصلة قرابة ، ولا يوجد في الفتوات خضر أساسا ولا درويش أو ماذا كان اسمه لا أذكره ، كذلك فيلم الجوع لمحمود عبد العزيز الذي مثل الحكاية السابعة ، وفيلم التوت والنبوت الذي مثل الحكاية الأخيرة ، تقريبا هو أقرب الأفلام للقصة الأصلية التحريف فيه يسير ، وكذلك فيلم المطارد ، هو أيضا لا يمت للقصة بصلة فسماحة الناجي لم يكن الفتوة ولا تحدى الفللي ، ولا قال تلك العبارات المأثورة التي كرروها في فيلم الجوع وفي فيلم التوت والنبوت كأنه يشترط أن تكون النهاية واحدة وأن يقول البطل للحرافيش أن القوة داخلكم ، منتهى السخف والإسفاف.كذلك مسلسل الشهد والملكة تقريبا ، لم أره لكن قيل لي أن هناك مسلسلا يحمل هذا الاسم ، وهناك فيلم الخاص بجلال ، قدمه فاروق الفيشاوي لا أعرف اسم الفيلم ولا شيئا عنه لكن قيل لي أيضا .الآن سأبدأ في تلخيص الحرافيش كما كتبها نجيب محفوظ بعد هذا العرض.

السبت، ١٥ نوفمبر ٢٠٠٨

مذكرات عسكري مصري (1)


دخلت الجيش ، كنت سعيدا جدا ، بت أعد العدة ، أتمم على أشيائي المطلوب أخذها، طلب منا الجاويش أن نحضر ماكينة الحلاقة، علبة ورنيش، الملابس الداخلية، خيطا وإبرة، فقط لا غير، سوف تفتش الحقائب وأي شيء غير هذا سوف يرمى.
كان الغد أول يوم في رمضان، هذا هو المؤسف في الموضوع ، أحب جو رمضان في البلد ، يا لله ، لن افطر حتى في البيت ، فقط سأتناول السحور في آخر ليلة من شعبان وأمشي مباشرة بعد الفجر وأفطر في الجيش ، لم تنس أمي تزويدي بكل ما يمكن تزويدي به من أطعمة تنفعني في رمضان . صليت الفجر وتوكلت على الله ، الجو بارد جدا قارص البرودة جسدي يقشعر ، والشمس لم تطلع بعد ، لا بد أن أكون في محطة القطار الساعة السابعة ليذهب بنا شاويش لمركز التدريب ، كنت قد سمعت سلاحي ، المشاة قيادة ، ومركز التدريب في إحدى محافظات الوجه البحري ، لم أزرها من قبل بي شوق وتلهف ، وبي قلق ورجفة ، أتخيل نفسي أضرب النار، وأجري صباحا ، وأتدرب على الخطط العسكرية ، وأجتاز الموانع وأعبر الأسلاك الشائكة ، وقلق من الحياة العسكرية الصارمة لكنه قلق خفيف تحجبه عن البروز لمنطقة الوعي صور كثيرة لما يمكن أن تكون عليه الحياة العسكرية ..
شباب من كل جهة ، ومن محافظات كثيرة ، يتجمعون أمام الرصيف المحدد لاستقلال القطار الحربي ، وجوه مختلفة كلها شاردة ، ترى هل يفكرون فيما أفكر فيه ، هل هم سعداء ، هل هم حزانى ، هل هم يتفكرون في جو رمضان الإيماني الروحي العظيم ، لكل منهم أفكاره لا شك لكن لم أشغل نفسي بهم فلأنشغل فيما أنا مقبل عليه ، أعدت فتح الحقيبة والتأكد من أنني لم أنس شيئا رغم أنها أشياء معدودة لا تنسى ، ومع ذلك نسي الكثير من زملائي هذه الأشياء فهرولوا يشترون الورنيش أو رباط الحذاء أو ماكينة حلاقة الذقن من البائعين المنتشرين حول محطة مصر ركبنا القطار مع الشاويش ، لا أدري فيم ضاع كل هذا الوقت ، يبدو أننا لم نبدأ التحرك إلا ظهرا أساسا لكن فجأة المغرب يؤذن ونحن ما زلنا في القطار ، رددنا الأذان مع المؤذن ثم فتح كل شخص حقيبته ليخرج ما بها من طعام يفطر عليه ، البعض لم يكن قد مستعدا لكن بكل أريحية الكل يشارك الآخر طعامه ، فما أكثر الكرم في شهر رمضان ، وما أكثر الدعوات التي توجه فيه ، الكل يصر ويدعو من بجانبه أن يشاركه طعامه والآخر يشاركه أيضا ، ولا أحد يعرف أحدا.
أخيرا وصلنا بعد ضياع اليوم بأكمله في المواصلات وصلنا ليلا لنجد في استقبالنا صفي ضابط متطوعين ، أحدهما اسمه شعبان كما عرفه بنفسه بفخر -لكن لا تثقوا كثيرا في صحة الاسم فهو من اختراع اللحظة بعد أن فشلت في تذكر اسمه رغم تكرار المحاولة- والآخر اسمه عبد الهادي، الآخر هذا كان طيبا جدا ولا يمكن أن أنساه بعكس الأول، ومع ذلك ورغم أني ما زلت أذكر وجهه جيدا ، لكن لم أستطع للأسف تذكر اسمه فاخترعت له هذا الاسم كسابقه ، سوف نتعامل معهما بهذين الاسمين من أجل أن يستمر الحوار ، لعنة الله على الزهايمر ، لقد أفسد علي السرد فقد كانت الأفكار تتزاحم في ذهني على الخروج في صورة حروف لولا هذين الشاويشان ومحاولة تذكر اسميهما أفسدت كل شيء ، لذا أكمل معكم غدا إن شاء الله