الجمعة، ١٢ ديسمبر ٢٠٠٨

قرأت لك (ملحمة الحرافيش)

هذه فكرة موضوع متجددة إن شاء الله.انتهيت من قراءة ملحمة الحرافيش ، ليست المرة الأولى بالطبع لكن أحسست بالحاجة لإعادة قراءتها خاصة أن أحداثها كلها أو أغلبها تفلتت من الذاكرة .لست بحاجة للثناء على أسلوب نجيب محفوظ أو لغته أو آلياته الفنية خاصة في هذه الرواية الرائعة فهو معروف للجميع لكن سأتحدث عن الفرق بين الرواية وبين العمل السينمائي وكيف أساءت السينما لأعمال رائعة كهذه الأعمال ، كنت أتساءل قديما كيف يرضى نجيب محفوظ أن يسيء مخرج تافه ضيق الأفق والنظرة ، محدود الخيال ، سطحي التفكير ، لأعماله الرائعة الخصبة الثرة الحية ، أو كيف يرضى خيري شلبي على عملقته أن يحول كاتب سينارست تقريبا بالكاد يجيد كتابة اسمه أو فك الخط فيحول أعظم أعماله على الإطلاق وهي الشطار إلى ذلك المسخ المشوه اللقيط الذي قدمته السينما المصرية بنفس الاسم وهو ما يغيظني في الواقع فلو اسموه أي اسم شاءوا ما لامهم أحد لأنه عمل لقيط يختلف تماما عن القصة ، وأنا كقارئ اغتظت لهما فكيف بهما ، لكن توصلت إلى أن هؤلاء الكتاب لا يعرفون بالطبع أن السينما ستفعل هذا بأعمالهم ويتخيلون أنهم سيقدمونها كما كتبوها فيتورطون في توقيع العقود ثم يفاجؤون بما يحدث ، لكني لا أعفيهم من المسؤولية فكان ينبغي إذ وافقوا على تقديم أعمالهم المكتوبة إلى أعمال مرئية أن يتابعوا تنفيذها وإخراجها أو يعرض عليهم النص على الأقل ليوافقوا أو يرفضوا ، عامة ليست هذه مشكلتي ، لكن بصراحة الإساءة الأبلغ كانت لنجيب محفوظ وملحمته الرائعة التي هي درة ما كتب وأروع ما كتبه على الإطلاق ، حتى إن من لم يقرأ الرواية ستعزف نفسه عن قراءتها بعد أن شاهد الأفلام المملة التي لم يفهم منها شيئا ، قولوا لي بالله عليكم أيها العقلاء هل يصلح محمود يس لتمثيل دور فتوة أو عزت العلايلي ، فلا المواصفات الجسدية متناسبة ولا أديا الدور بإتقان يجعلك تقتنع بأنه حتى صبي فتوة.ملحمة نجيب محفوظ عبارة عن عشرة قصص تتبع فيها سلالة آل الناجي ابتداء من مؤسسها الجد الأكبر عاشور الناجي انتهاء بعاشور الناجي أيضا لكنه الحفيد ، أو هي قصة التوت والنبوت آخر حكاية في حكايا الحرافيش ، قامت السنما باجتزاء بعض القصص منها لتقدمها في أفلام مستقلة وعمد المخرجون للتكرار والاقتباس والنقل والتحريف والتشويه ، فلم يقدموا القصة كما كتبت بل أرادوا لهذه البداية أن تكون لهذه النهاية ، مع بعض التفاهات الرخيصة في بعضها .قدمت السينما عدة اعمال مقتبسة من الحرافيش منها فيلم يحمل هذا الاسم (الحرافيش) قام ببطولته محمود يس وصلاح قابيل ، تقريبا الربع الأخير من الفيلم مع الربع الأول والثالث منه لا يمتوا للقصة بصلة قرابة ، ولا يوجد في الفتوات خضر أساسا ولا درويش أو ماذا كان اسمه لا أذكره ، كذلك فيلم الجوع لمحمود عبد العزيز الذي مثل الحكاية السابعة ، وفيلم التوت والنبوت الذي مثل الحكاية الأخيرة ، تقريبا هو أقرب الأفلام للقصة الأصلية التحريف فيه يسير ، وكذلك فيلم المطارد ، هو أيضا لا يمت للقصة بصلة فسماحة الناجي لم يكن الفتوة ولا تحدى الفللي ، ولا قال تلك العبارات المأثورة التي كرروها في فيلم الجوع وفي فيلم التوت والنبوت كأنه يشترط أن تكون النهاية واحدة وأن يقول البطل للحرافيش أن القوة داخلكم ، منتهى السخف والإسفاف.كذلك مسلسل الشهد والملكة تقريبا ، لم أره لكن قيل لي أن هناك مسلسلا يحمل هذا الاسم ، وهناك فيلم الخاص بجلال ، قدمه فاروق الفيشاوي لا أعرف اسم الفيلم ولا شيئا عنه لكن قيل لي أيضا .الآن سأبدأ في تلخيص الحرافيش كما كتبها نجيب محفوظ بعد هذا العرض.