الثلاثاء، ٧ فبراير ٢٠١٢

عبد المنعم الشحات وفتاوى المزايدات

تصريحات الشحات الأخيرة تثير الاشمئزاز فهي من باب الفقه والفتوى قائمة على مغالطات لا أدري أتعمدها فيوصف بالمتاجرة بالدين لتحقيق أهواء شخصية ، أم لم يتعمدها فيوصف بالجهل، وسأعود للتفصيل، وهي من باب السياسة ليست من السياسة في شيء أن يخرج مخالفا للرأي العام مهاجما ضحايا أبرياء قضوا في ريعان الزهور واصفا إياهم أنهم ماتوا في سبيل الكرة، كلام لا يقوله رجل عنده أدنى قدر من الإنسانية والمسؤولية وأعتقد أنه لو كان ابن الشحات أحد هؤلاء الضحايا الأبرياء لتغير الموقف ولخرج يندد بالمجرمين الذين قضوا على فلذة كبده، ونحن لا نتمنى الموت لبريء لكننا كنا نتوقع منه أن يقول خيرا أو ليصمت على الأقل من باب الإنسانية والرحمة مراعاة لمشاعر الثكلى والآل والأقارب الذين فقدوا ضحايا أبرياء..عبد المنعم الشحات يقول إن الرياضة التي أحلها الإسلام هي ثلاثة فقط وما عداها حرام وخص الثلاثة بالسباحة والرماية وركوب الخيل وهي لعمري فتوى لا يقولها مسلم عنده أدنى درجات العلم فلا أدري من أين استقى الشحات هذه المعلومات فالحض على تعلم هذه الرياضات الثلاث لم يكن بحديث أو آية بل أثر مروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولا يؤخذ منه حل ولا حرمة ولا يعني هذا حرمة الباقي فليس فيه أي تخصيص ، والأصل في الأشياء الإباحة كما يقول العلماء وإنما يحتاج التحريم لدليل فما لم يرد دليل على التحريم يبقى الشيء على أصله وهو مباح فالشرع لم يعدد لنا الحلال والمباح، وإنما عدد الحرام ، لم يأت الشرع ليفصل حكم أكل الباذنجان أو البامية أو الأرز وإنما أتى يحرم علينا من الأطعمة لحم الخنزير والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع، وبعض الأشياء التي فصلتها السنة وما لم يأت دليل على التحريم ونص يبقى كل الأطعمة والأشربة مباحة وحلال وهكذا في سائر الأشياء، والأصل في الرياضة أنها من اللهو المباح والتحريم يحتاج لدليل فمن أين أتى الشيخ بحرمة الكرة، وثانيا بناء على أصله هذا يكون الجري محرما ويكون الرسول ارتكب محرما فالجري لم يكن في الرياضات الثلاث التي حض عمر بن الخطاب على تعلمها ومع ذلك ورد عن الرسول عليه الصلاة والسلام أنه سابق السيدة عائشة فسبقها مرة وسبقته مرة وقال لها هذه بتلك، فما قول الشحات في هذا؟ أهي رياضة محرمة أيضا؟!!ففي الحديث الصحيح (قتل المسلم شهادة، والطاعون شهادة، والمرأة يقتلها ولدها جمعاء شهادة...) وفي الحديث الآخر (من قتل دون ماله فهو شهيد ومن قتل دون أهله فهو شهيد ومن قتل دون دينه فهو شهيد ومن قتل دون دمه فهو شهيد)... وغيرها من الأحاديث لا أدري هل اطلع عليها الشحات وتعمد إنكارها أم تجاهلها عمدا...حين خرج علينا المفتي منذ عدة أعوام لينفي الشهادة عن هؤلاء المساكين الذين قضوا غرقا على سواحل إيطاليا بحجة أنه سفر غير شرعي ولا أدري ما هي قواعد الشرع في السفر ولم يكونوا ذاهبين لحانات أوروبا بل ضاقت بهم سبل العيش في مصر ففروا يلتمسوا رزق الله في الأرض تطبيقا لقوله تعالى (فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور) هاجمه الكثيرون من السلفيين ومن غيرهم وما أشبه الليلة بالبارحة ها هو الشحات في خضم الأزمة ودماء الشهداء والضحايا لم تجف بعد ودموع الثكالى لما ترقأ بعد متحديا مشاعر الحزن والأسى ومشاعر السخط ليقول إن هؤلاء ماتوا في سبيل الكرة وليسوا شهداء وأنها لهو محرم والمباح في الإسلام رياضات عددها هو من تلقاء نفسه.. اتق الله يا شحات ، دماء المصريين ليست رخيصة، وأرواح المسلمين ليست رخيصة، ومشاعر الأسى عند آل وذوي هؤلاء ليست هينة لا أتمناها لك ولا لمسلم لكنها ليست بتلك البساطة التي تلقي بها كلماتك الفجة هذه وسط جمع يطأطئ لك رأسه صامتا ولا يخرج أحدهم لينزلك من على المنبر ذلك المكان الذي صعده قبلك سيد البشر رسول الله وكأني بهم ليس فيهم رجل رشيد ينهاك ويعظك، اللهم هل بلغت اللهم فاشهد