الجمعة، ١٢ ديسمبر ٢٠٠٨

قرأت لك (ملحمة الحرافيش)

هذه فكرة موضوع متجددة إن شاء الله.انتهيت من قراءة ملحمة الحرافيش ، ليست المرة الأولى بالطبع لكن أحسست بالحاجة لإعادة قراءتها خاصة أن أحداثها كلها أو أغلبها تفلتت من الذاكرة .لست بحاجة للثناء على أسلوب نجيب محفوظ أو لغته أو آلياته الفنية خاصة في هذه الرواية الرائعة فهو معروف للجميع لكن سأتحدث عن الفرق بين الرواية وبين العمل السينمائي وكيف أساءت السينما لأعمال رائعة كهذه الأعمال ، كنت أتساءل قديما كيف يرضى نجيب محفوظ أن يسيء مخرج تافه ضيق الأفق والنظرة ، محدود الخيال ، سطحي التفكير ، لأعماله الرائعة الخصبة الثرة الحية ، أو كيف يرضى خيري شلبي على عملقته أن يحول كاتب سينارست تقريبا بالكاد يجيد كتابة اسمه أو فك الخط فيحول أعظم أعماله على الإطلاق وهي الشطار إلى ذلك المسخ المشوه اللقيط الذي قدمته السينما المصرية بنفس الاسم وهو ما يغيظني في الواقع فلو اسموه أي اسم شاءوا ما لامهم أحد لأنه عمل لقيط يختلف تماما عن القصة ، وأنا كقارئ اغتظت لهما فكيف بهما ، لكن توصلت إلى أن هؤلاء الكتاب لا يعرفون بالطبع أن السينما ستفعل هذا بأعمالهم ويتخيلون أنهم سيقدمونها كما كتبوها فيتورطون في توقيع العقود ثم يفاجؤون بما يحدث ، لكني لا أعفيهم من المسؤولية فكان ينبغي إذ وافقوا على تقديم أعمالهم المكتوبة إلى أعمال مرئية أن يتابعوا تنفيذها وإخراجها أو يعرض عليهم النص على الأقل ليوافقوا أو يرفضوا ، عامة ليست هذه مشكلتي ، لكن بصراحة الإساءة الأبلغ كانت لنجيب محفوظ وملحمته الرائعة التي هي درة ما كتب وأروع ما كتبه على الإطلاق ، حتى إن من لم يقرأ الرواية ستعزف نفسه عن قراءتها بعد أن شاهد الأفلام المملة التي لم يفهم منها شيئا ، قولوا لي بالله عليكم أيها العقلاء هل يصلح محمود يس لتمثيل دور فتوة أو عزت العلايلي ، فلا المواصفات الجسدية متناسبة ولا أديا الدور بإتقان يجعلك تقتنع بأنه حتى صبي فتوة.ملحمة نجيب محفوظ عبارة عن عشرة قصص تتبع فيها سلالة آل الناجي ابتداء من مؤسسها الجد الأكبر عاشور الناجي انتهاء بعاشور الناجي أيضا لكنه الحفيد ، أو هي قصة التوت والنبوت آخر حكاية في حكايا الحرافيش ، قامت السنما باجتزاء بعض القصص منها لتقدمها في أفلام مستقلة وعمد المخرجون للتكرار والاقتباس والنقل والتحريف والتشويه ، فلم يقدموا القصة كما كتبت بل أرادوا لهذه البداية أن تكون لهذه النهاية ، مع بعض التفاهات الرخيصة في بعضها .قدمت السينما عدة اعمال مقتبسة من الحرافيش منها فيلم يحمل هذا الاسم (الحرافيش) قام ببطولته محمود يس وصلاح قابيل ، تقريبا الربع الأخير من الفيلم مع الربع الأول والثالث منه لا يمتوا للقصة بصلة قرابة ، ولا يوجد في الفتوات خضر أساسا ولا درويش أو ماذا كان اسمه لا أذكره ، كذلك فيلم الجوع لمحمود عبد العزيز الذي مثل الحكاية السابعة ، وفيلم التوت والنبوت الذي مثل الحكاية الأخيرة ، تقريبا هو أقرب الأفلام للقصة الأصلية التحريف فيه يسير ، وكذلك فيلم المطارد ، هو أيضا لا يمت للقصة بصلة فسماحة الناجي لم يكن الفتوة ولا تحدى الفللي ، ولا قال تلك العبارات المأثورة التي كرروها في فيلم الجوع وفي فيلم التوت والنبوت كأنه يشترط أن تكون النهاية واحدة وأن يقول البطل للحرافيش أن القوة داخلكم ، منتهى السخف والإسفاف.كذلك مسلسل الشهد والملكة تقريبا ، لم أره لكن قيل لي أن هناك مسلسلا يحمل هذا الاسم ، وهناك فيلم الخاص بجلال ، قدمه فاروق الفيشاوي لا أعرف اسم الفيلم ولا شيئا عنه لكن قيل لي أيضا .الآن سأبدأ في تلخيص الحرافيش كما كتبها نجيب محفوظ بعد هذا العرض.

السبت، ١٥ نوفمبر ٢٠٠٨

مذكرات عسكري مصري (1)


دخلت الجيش ، كنت سعيدا جدا ، بت أعد العدة ، أتمم على أشيائي المطلوب أخذها، طلب منا الجاويش أن نحضر ماكينة الحلاقة، علبة ورنيش، الملابس الداخلية، خيطا وإبرة، فقط لا غير، سوف تفتش الحقائب وأي شيء غير هذا سوف يرمى.
كان الغد أول يوم في رمضان، هذا هو المؤسف في الموضوع ، أحب جو رمضان في البلد ، يا لله ، لن افطر حتى في البيت ، فقط سأتناول السحور في آخر ليلة من شعبان وأمشي مباشرة بعد الفجر وأفطر في الجيش ، لم تنس أمي تزويدي بكل ما يمكن تزويدي به من أطعمة تنفعني في رمضان . صليت الفجر وتوكلت على الله ، الجو بارد جدا قارص البرودة جسدي يقشعر ، والشمس لم تطلع بعد ، لا بد أن أكون في محطة القطار الساعة السابعة ليذهب بنا شاويش لمركز التدريب ، كنت قد سمعت سلاحي ، المشاة قيادة ، ومركز التدريب في إحدى محافظات الوجه البحري ، لم أزرها من قبل بي شوق وتلهف ، وبي قلق ورجفة ، أتخيل نفسي أضرب النار، وأجري صباحا ، وأتدرب على الخطط العسكرية ، وأجتاز الموانع وأعبر الأسلاك الشائكة ، وقلق من الحياة العسكرية الصارمة لكنه قلق خفيف تحجبه عن البروز لمنطقة الوعي صور كثيرة لما يمكن أن تكون عليه الحياة العسكرية ..
شباب من كل جهة ، ومن محافظات كثيرة ، يتجمعون أمام الرصيف المحدد لاستقلال القطار الحربي ، وجوه مختلفة كلها شاردة ، ترى هل يفكرون فيما أفكر فيه ، هل هم سعداء ، هل هم حزانى ، هل هم يتفكرون في جو رمضان الإيماني الروحي العظيم ، لكل منهم أفكاره لا شك لكن لم أشغل نفسي بهم فلأنشغل فيما أنا مقبل عليه ، أعدت فتح الحقيبة والتأكد من أنني لم أنس شيئا رغم أنها أشياء معدودة لا تنسى ، ومع ذلك نسي الكثير من زملائي هذه الأشياء فهرولوا يشترون الورنيش أو رباط الحذاء أو ماكينة حلاقة الذقن من البائعين المنتشرين حول محطة مصر ركبنا القطار مع الشاويش ، لا أدري فيم ضاع كل هذا الوقت ، يبدو أننا لم نبدأ التحرك إلا ظهرا أساسا لكن فجأة المغرب يؤذن ونحن ما زلنا في القطار ، رددنا الأذان مع المؤذن ثم فتح كل شخص حقيبته ليخرج ما بها من طعام يفطر عليه ، البعض لم يكن قد مستعدا لكن بكل أريحية الكل يشارك الآخر طعامه ، فما أكثر الكرم في شهر رمضان ، وما أكثر الدعوات التي توجه فيه ، الكل يصر ويدعو من بجانبه أن يشاركه طعامه والآخر يشاركه أيضا ، ولا أحد يعرف أحدا.
أخيرا وصلنا بعد ضياع اليوم بأكمله في المواصلات وصلنا ليلا لنجد في استقبالنا صفي ضابط متطوعين ، أحدهما اسمه شعبان كما عرفه بنفسه بفخر -لكن لا تثقوا كثيرا في صحة الاسم فهو من اختراع اللحظة بعد أن فشلت في تذكر اسمه رغم تكرار المحاولة- والآخر اسمه عبد الهادي، الآخر هذا كان طيبا جدا ولا يمكن أن أنساه بعكس الأول، ومع ذلك ورغم أني ما زلت أذكر وجهه جيدا ، لكن لم أستطع للأسف تذكر اسمه فاخترعت له هذا الاسم كسابقه ، سوف نتعامل معهما بهذين الاسمين من أجل أن يستمر الحوار ، لعنة الله على الزهايمر ، لقد أفسد علي السرد فقد كانت الأفكار تتزاحم في ذهني على الخروج في صورة حروف لولا هذين الشاويشان ومحاولة تذكر اسميهما أفسدت كل شيء ، لذا أكمل معكم غدا إن شاء الله

السبت، ٢٧ سبتمبر ٢٠٠٨

حكايات عم محمد الصياد

كنت أزمع كتابة هذه القصة منذ أكثر من عام ووضعت المقدمة في منتدى عبد الرحمن يوسف وفقط لم أكتب فيها حرفا واحدا بعد ، حتى وجدتني فجأة أريد كتابة هذه القصة فكانت كالتالي وليس عندي أي خطة لا لإنهائها ولا لشكلها ولا كيف تسير وهل أكتفي بكونها قصة قصيرة أم مسلسلة أم رواية ، المهم أني بدأت وهذا كان أصعب ما في الموضوع ، أتمنى أن تعجبك يا زائر مدونتي:
دعاني لتناول الإفطار معه ، لم أستطع أن أرفض خاصة بعد إلحاحه الشديد ، وقد وعدته آنفا أن ألبي رغبته ولما آذن الشهر الفضيل على المغيب لم يكن بد من إجابة دعوته المعلقة ، في الحقيقة أستمتع بحديثه جدا وبحكاياته الممتعة ، هو صياد ذو ملامح مصرية صميمة طيب القلب جدا ، له قارب في ترعة الإسماعيلية صغير لكنه مصدر رزقه ورزق أولاده ، منذ فترة طويلة وقد استوطن هذه المنطقة أسفل كوبري المظلات وجعلها محلا لعمله ، في الحقيقة لا يوجد له مكان محدد هو يسير بقاربه في ترعة الإسماعيلية من المظلات حتى مسطرد حتى الكوبري الدائري ، لكنه دائما يعود إلى هذه المنطقة ، يقول إنها يرتاح لها نفسيا ، وأن الرزق فيها وفير ، أعرفه منذ سنوات طويلة وأستمتع بصحبته وحديثه ، هو أمين في زمن عز فيه الأمناء وصادق الحديث وطيب القلب جدا ، وفيه شهامة المصريين المأثورة ، تجده أول القافزين في الماء بثيابه لو وجد أحدا على شفا الإغراق ، وتجده أسرع الهابين لنجدة فتاة عاكسها أحدهم أو ضايقها ، لكنه أيضا أول الغاضبين على الأوضاع الخاطئة وما أكثرها ، في الليل المظلم حيث يحلو لأحدهم معابثة فتاته متسترا بالظلام وبحاجز الكوبري ، لكنه يراهم من البحر ، ويغلي الدم في عروقه لمثل هذه المناظر التي تخالف الدين وتخالف العادات والتقاليد التي نشأ عليها ، وإذا كان البعض ممن يعرفهم هو شخصيا يستغل هذا الموقف لابتزاز الرجل فإنه يسارع لتلقينه درسا قاسيا يجعله يندم أن أتى لهذا المكان ولا يفكر أن يعود إليه ثانية ، خاصة مع ذراعين مفتولي العضلات أنمتهما مهنته في التجديف فيمكنك أن تتخيل الدرس القاسي الذي يتلقاه الشاب الذي تسول له نفسه ارتكاب الخطيئة ، يقول لي بتعجب : ما الذي حدث في الدنيا ، كأننا في بلاد الخواجات ، عالم لا تختشي وليس لديها حياء .
في جعبته الكثير من الحكايات لا أشعر معه بمرور الوقت ، خاصة في الصيف حيث يصفو الجو وتهب نسائم البحر ، حكى لي كثيرا عن نفسه وعما صادفه من عجائب ، أسأله كثيرا أن يحكي لي قصته وقد حكاها لي عشر مرات على الأقل وكل مرة يقول لي لقد قصصتها عليك من قبل فماذا تريد منها ، أقول له : إنني أستمتع بها جدا لا أخبره بالسبب الحقيقي أنني كل مرة أستذكره القصة حتى أكتبها لجمالها غير أنني أنسى معظم تفاصيلها فلا أجد مفرا من استعادته إياها حتى أتذكرها ، اليوم قررت أن أقصها عليكم قبل أن أنساها مرة أخرى ، لكن لا تعتمدوا عليها لأني سأكمل الفراغات من عندي والأفضل أن يقصها عليكم بنفسه.
قال لي : لم أكن هكذا في شبابي ، أقاطعه أنك ما زلت شابا في الثلاثينيات فأي فترة تتحدث عنها ، يقول لي في بداية شبابي ، نحن كبرنا واشتعل الرأس شيبا .
استحثه أن يكمل يقول : هل تصدق أني كنت عضوا في عصابة كبيرة ؟
أقول له : لا أصدق فلا يبدو عليك هذا فقد عهدتك شهما طيبا أمينا.
قال وهو يشرد بعيدا في الماضي : لم يكن الحال هكذا في الماضي ، كنت عضوا في عصابة متخصصة في سرقة الفلل والشقق الفاخرة ، عصابة كبيرة منظمة لها رئيس ولكل منا دور معين يؤديه ويرسمه له الزعيم فهذا متخصص في مسح الشارع وهذا يرسم الخريطة ، وهذا يجمع المعلومات عن الشقة المراد سرقتها ، وهذا يعالج الأبواب ، وهذا يخزن المسروقات وهذا يبيعها ، وهكذا وكان دوري تأمين أفراد العصابة أثناء السرقة وإنذارهم في الوقت المناسب في حالة حدوث ما لم يكن في الحسبان ، ظللت حوالي عام حتى سرقنا تلك الفيللا المشؤومة ، وكانت للواء كبير سابق في الداخلية ، فجن جنونه ولم يرتح حتى يوقع بالعصابة التي سرقته ، لكن لم يكن غضبه لسرقة المجوهرات والأموال فهي تافهة بالنسبة لهؤلاء القوم لكنه غضب لمركزه كيف يتعرض مثله للسرقة وفي نفس الوقت كان هناك شيء ثمين جدا في المسروقات عبارة عن سيف أثري ، وهذا السيف الملعون هو ما أوقع بنا حين أردنا بيعه ، ولأن كل فرد فينا حلقة في سلسلة فبتداعي إحدى حلقات السلسلة لا بد أن تتداعى بقية الحلقات وقبض علي .
وماذا حدث بعد يا عم محمد؟
قال : لا أعلم حتى الآن كيف خرجت من هذا الموقف غير أن ستر الله رافقني وأقسمت إن نجاني الله من هذا الموقف ألا أعود إلى السرقة ثانية وأن أعتزل هذا الطريق .
قلت له احك لي كيف خرجت ، قال بكل بساطة كنت في قسم شرطة قصر النيل تمهيدا لترحيلنا للنيابة ، لم يكن معي أي إثبات شخصية وواقف مع بقية المتهمين ، وجدت أميني الشرطة متشاغلين مع بعضهما بالحديث أخذت أتسلل ببساطة حتى خرجت من الغرفة ، لا أحكي لك عن هذا الموقف لأنك لا تستطيع تخيله ولا تستطيع تخيل كيف كانت دقات قلبي في هذا الموقف ولا أعرف كيف خرجت ومشيت بهدوء داخل القسم دون أن ألتفت حولي أو خلفي بكل بساطة كأني مواطن ذهب لتقديم بلاغ ، وخرجت من باب القسم دون أن يشتبه بي أحد ، وما إن تملكت الشارع حتى أطلقت لساقي العنان ، وقلت : الجدع فيهم يلحق بي ، ولعلمك يا أستاذ عماد ، أنا لو دخلت مسابقة جري لن يلحق بي أي إنسان ، لقد كنت في صغري بطل القرية في "الأستغماية" وأذكر أني كنت طفلا وظل أبي يطاردني ويجري خلفي ليضربني ثلاث ساعات كاملة حتى فقد وعيه وغشي عليه من التعب دون أن يلحق بي بعد أن جعلته يقطع شوارع القرية كلها خلفي دون أن يلحق بي.
ضحكت بشدة ، ثم قلت له أكمل يا عم محمد.
قال : في المرة القادمة إن شاء الله حتى أضمن أن تكرر زيارتك.

الجمعة، ٢٦ سبتمبر ٢٠٠٨

أشتاقك يا من لم تغادر عقلي لحظة رغم كثرة المغادرين
ترى أين أنت
وهل تصلك رسالتي
أتمنى

الأربعاء، ١٠ سبتمبر ٢٠٠٨

متفرد بصبابتي

متوقف من فترة طويلة عن الكتابة في النت عامة لا المنتدى خاصة ، ليس لدي ما اقوله ، لكن متى كان لدي ما أقوله ، ما لدي لأقوله يأتيني فور وضع يدي على لوحة المفاتيح في المكان المخصص للكتابة في اي مكان ،
ثاو على صخر أصم وليت لي قلبا كهذي الصخرة الصماء
رغم أن شياطين الجن مسلسلة في هذا الشهر الكريم إلا أن شياطين الإنس أثبتوا أنهم أشد مكرا وأكثر دهاء ، وأعظم شرا
متفرد بصبابتي
هلا أكمل لي البيت أحد ، قبح الله الزهايمر ، يلح علي هذا البيت وتأبى الذاكرة إكماله ، فتجده يفرض نفسه بين الحروف مع أن هذا ليس مكانه
أريد أن أكمل ما كنت بصدد قوله ، ويفسد علي هذا البيت ما اريد قوله ،
متفرد بصبابتي متفرد بـ.....
أفضل شيء تفعله في هذا الشهر الفضيل أن تقاطع التلفاز وأن تقاطع النت ، الأولى قدرت عليها ولا أشاهد سوى مسلسل ظاظا وجرجير الذي يعرض وقت الإفطار ، أحب أعمال الأطفال ولا يعني هذا أني أعاني من طفولة متأخرة ، أما الثانية وهي النت فلم أستطع رغم أن المنتديات تحوي من الشرور والفتن والمعارك ما يربأ المسلم الذي يريد الحفاظ على صومه عنها ، لكن ماذا نفعل ، يأبى بعض شياطين الإنس إلا جرنا لخوض معارك نحن وهم في غنى عنها.
أتعجب شديد العجب ممن يحب عمرو خالد وكلامه يمجه العقل والذوق وتمجه الفطر , والله أشعر أن الفطر السليمة لتمجه وتنبا عنه ، حتى بدون اي نصائح أو تحذير ، فكلامه ما هو بالشعر ولا هو بالنثر ، ولا هو بالدعوة والخطابة ، كلام ركيك ، كلام بلا معنى كلام ممجوج ، أشد ما استفزني منه أنه يكتب في الجريدة التي أعمل بها ، لن أحدثك عن كم الأخطاء النحوية واللغوية التي أصححها له ، ولكن أحدثك عن ركاكة الأسلوب ، وأحدثك عن الأحاديث التي يوردها ، لن أحدثك عن تصحيحها وتضعيفها فهو أمر فوق مستوى وفكر وعقل عمرو خالد بكثير ولكن أقل ما أطلبه منه أن ينقلها نقلا صحيحا ولا يشوهها هكذا ، لا يأت بكلام ناقص مبتور مروي بالمعنى وليته يحقق معنى مفيدا ، يا أخي أقل شيء تفعله أن تقول فيما معناه كذا ، يقول : ألم يبلغك حديث رسول الله كذا ، قلت في نفسي والله ما بلغني وما سمعته ولا بلغ أحدا ما تقول لأن الرسول ما قال هذا ، وما هذا بحديث سوى عند عمرو خالد.
قبح الله عمرو خالد ومن يحب عمرو خالد ، أو أقول اللهم اهد عمرو خالد ومن يحب عمرو خالد

الأربعاء، ١٩ مارس ٢٠٠٨

ثورة الجياع

قرار متهور غير مدروس اتخذه محافظ الفيوم بإلغاء الدقيق من البطاقات التموينية وتحويله للمخابز أدى إلى اشتعال الغضب في كافة أنحاء المحافظة مهددا بثورة خطيرة قد تطيح بالحكومة كاملة لو لم يتدارك المسؤولون الأمر ويتراجع المحافظ في قراره معتذرا، فالمواطن المطحون صابر وصامد أمام كل أنواع الفساد المستشري حفاظا على رغيف الخبز الذي يأكله ويأكله أولاده لكنه لا يقرب المساس برغيف الخبز أبدا لأنه لن يعود لديه شيء آخر يخسره.
بدأ الأمر حين اتجه الأهالي للوحدة المحلية بقرية سنهور القبلية من أجل صرف مستحقاتهم من الدقيق فأخبرهم المسؤولون بأنه لا يوجد دقيق وأن المحافظ قرر صرف الدقيق للمخابز، ومن المعلوم أن حصة كل أسرة من الخبز اليومي عشرة أرغفة أيا كان عدد أفراد الأسرة، والذي يعينهم على تحمل هذا الشظف هو حصة الدقيق التي يصرفونها مع البطاقات التموينية فيخبزونها، انتشر السخط والتبرم وسط الأهالي فقاموا بمهاجمة مجلس الحكم المحلي ورئيسه معتدين عليهم بالضرب، بل قاموا بحبسهم داخل مكاتبهم مهددين بعدم الإفراج عنهم حتى يفرجوا عن الدقيق، وانتشر الخبر بين أرجاء القرية التي هرعت إلى الوحدة المحلية، حيث إن الانتفاضة الأولى كانت انتفاضة النساء، قام رئيس المجلس بالاتصال بالشرطة التي قدمت قوة منها لتفض التظاهرة فقام الأهالي بقذفهم بالطوب والحجارة ، وتسلحوا بالشوم، بل احتجزوا ضابط الشرطة والقوة المرافقة له داخل المجلس وقاموا بإغلاق الطريق بوضع حواجز خشبية وإطارات السيارات في الطريق وأشعلوا فيها النيران، لم يقتصر الأمر على هذا، إذ جاء عضو مجلس الشعب في القرية (ياسين عليوة) لكي يهدئ من ثورة الأهالي لكنه استفزهم حين قال لهم (اللي عايز قمح ييجي ياخد من عندي) فردوا عليه بأنهم ليسوا متسولين وأنهم يطالبون بحقهم وأنهم انتخبوه من أجل أن يطالب بحقهم لا ليتصدق عليهم، وحدثت مناوشات فقام الأهالي بضربه أيضا، بل شيعه الأطفال والشباب بالهتاف والأغاني المتهكمة عليه قائلين (يا ياسين يا جزمة ياللي ملكش لازمة) أو (يا ياسين شيل العمة وحط الطين) وحاصروا داره.
ثم انتقلت أنباء الانتفاضة إلى القرى المجاورة، فقام أهالي قرية ترسا بمهاجمة المجلس المحلي لديهم، وقاموا بحرق سيارة رئيس المجلس وسرقة الخزانة.
وفي فيدمين قام الأهالي بإغلاق الطريق السياحي أمام السيارات مانعين أية سيارة من المرور، وفي الفيوم المدينة توجهت مجموعة من الأهالي إلى منزل المحافظ قاذفين إياه بالطوب والحجارة.
في اليوم التالي مباشرة تراجع المحافظ في قراره، وكان الدقيق في المجالس المحلية وتم توزيعه على الأهالي، غير أن الأهالي ذاقوا لأول مرة حلاوة الانتصار وانتزاع حقهم بالقوة من الحكومة، وفي نفس الوقت سقطت ظاهرة كبير القرية التي يلجأ إليه لحل النزاع، ويبدو أن هناك مفاهيم كثيرة أخرى تغيرت في القرية بسبب أزمة الرغيف.

السبت، ١ مارس ٢٠٠٨

عالم خيري شلبي دراسة لرواية (وكالة عطية)

القارئ لخيري شلبي يلحظ أن هناك فرقا كبيرا بين خيري شلبي الروائي وخيري شلبي القاص ، فحين يكتب خيري شلبي الرواية الطويلة يبدو مختلفا عنه حين يكتب القصة القصيرة ، وكأن القصة القصيرة تمسك بتلابيب خيري شلبي مضيقة عليه الخناق تمنحه مساحة حركة أقل من الإبداع ، لكن حين يكتب خيري شلبي الرواية تشعر أنه وجد نفسه وعالمه ، فتراه يحلق في سماء الإبداع ، في عوالم كثيرة جذابة تبهرك ، تشدك رغم أنفك للإمساك بالرواية ، لا تدعك تتركها من بين أصابعك ، تنتظر النهاية غير أنك في نفس الوقت لا تتمنى أن تأتي إذ النهاية دليل على انتهاء الرواية ، وبالتالي انتهاء متعة لا حدود لها.يعرف هذا كل من قرأ لخيري شلبي ، يعلم أن زيادة صفحات الرواية دليل على زيادة متعتها وتشويقها ، لا يمكن أن يصيبك الملل أبدا وأنت تقرأ رواية طويلة له ولو كانت من ثلاثة أجزاء كالأمالي (أولنا الولد - ثانينا الكومي - ثالثنا الورق) ، في حين قد يصيبك الملل لو قرأت قصة قصيرة له لا تتجاوز صفحاتها ثلاث صفحات ، غير أنك لو ولجت عالم خيري شلبي من خلال الرواية فلن تمل لا من القصة ولا من الرواية ، لذا لا أنصح بولوج عالم خيري شلبي الثري من خلال القصة بل من خلال رواياته الطويلة.رواية وكالة عطية التي أخذ عنها جائزة نجيب محفوظ للإبداع الروائي ، من أعمق ما كتب خيري شلبي ، يرصد فيها لواقع مجموعة من المهمشين ، ما كنت تظنهم بيننا يرصد لتناقضهم ، وحياتهم بلا رتوش أو ألوان أو أصباغ ، بل تبدو العبارات في بعض الأحيان فجة خادشة للحياء ، لكنك لا تتوقع خروجها إلا هكذا ، طبقا لملامح الشخصية التي أجاد شلبي رسم خطوطها بمهارة لا يدانيه فيها أحد .تدور أحداث الرواية في مدينة دمنهور التي أخذنا خيري شلبي إلى حواريها وأزقتها وآثارها ، وملامح المدينة القديمة في وصف امتزج به الواقع بالخيال حتى إنك لا تدري أهذه الأماكن التي يصفها حقيقة فعلا موجودة أم أنها من نسج الخيال ، أم أنها كانت موجودة واندثرت ، ولا تملك في النهاية إلا أن تندهش لبراعة الوصف الذي يجعلك ترى هذه الأماكن بعينينك وتتخيلها وأنت في مكانك ، في مدينة دمنهور القديمة وكالة كانت قديما استراحة خديوية وبعد الثورة أممت واستأجرها عطية من الحكومة واستأجرها من عطية شوادفي الذي صار حاكما بأمره للوكالة ، الوكالة تبدو أشبه بلوكاندة لا تأوي إلا المهمشين ، والمحتالين ، والمعذبين ، والمتسولين ، تنقسم إلى ساكني حجرات وساكني أرض الوكالة ، الذين لا يبحثون سوى عن مكان يأويهم في الليل ليناموا نظير قرش واحد لمفترش الأرض وقرشان لساكن الحجرة التي يبدو أن من يسكنها هم علية القوم بالنسبة لهؤلاء الأشد بؤسا ، ومن خلال بطل الرواية ذلك الطالب في معهد المعلمين الذي ضرب معلمه وفصل من المعهد وتعرف على أحد ساكني هذه الوكالة وكان يمسح الأحذية فأخذه للسكن بالوكالة بعد أن رثى لنومه في الشارع تحت الكباري ، ومن خلال هذه الشخصية ينقلنا خيري شلبي لعالم الوكالة وما يدور فيها ، ويرسم لنا شخصية سكان الوكالة ابتداء بشوادفي الماكر الداهية الحاكم بأمره داخل الوكالة القادر على قتل أي شخص ودفنه في مقبرة داخل الوكالة لا يدري بها أحد سوى عدد قليل جدا لا يستطيع فتح فمه حتى لا يدفن مع المدفونين فيها ، ومرورا بشخصية سيد زناتي ذلك المحتال الأنيق المثقف الذكي واسع الحيلة وزوجاته الأربع اللاتي يقمن معه في حجرة قسمها ثلاثة أدوار اثنتان يسكنان السفلي واثنتان يسكنان العليا أما الوسطى فهي لجلسة الشرب والمزاج واستقبال الأصدقاء والزوار وتصريف أمور العمل ثم تذهب كل واحدة لمكانها وتبقى من عليها الدور لتبيت معه ، والذي أخذ الطالب معه في بعض عمليات النصب درت عليهم نقودا كثيرة ، ثم شخصية وداد الراقصة التي تتمسك بشرفها وترفض أن تسلم نفسها إلا بعقد زواج ، غير أنها تضعف أمام شخصية بطل الرواية ، الغريب أن خيري شلبي لم يذكر اسمه مطلقا حيث رواها كلها على لسانه مستخدما ضمير المتكلم ، ولا ينسى خيري شلبي أن يؤرخ لهذه المرحلة من حكم عبد الناصر والاضطهاد الذي لاقاه الإخوان المسلمون في عهده ، من خلال أصدقاء البطل من الإخوان الذين انتهى بهم الحال إما في السجون وإما قتلى في السجون أيضا ، وتنتهي الرواية بدخوله السجن حيث وقعت جريمة قتل في الوكالة قتلت زوجة سيد زناتي الرابعة التي كان لها قصة دامية أجاد خيري شلبي سردها بطريقة تستدر الدمع ، والتي أحبت الفكهاني وأحبها الفكهاني وتصبب بها في شعره ومواويله فرفض أخوها تزويجها له ، وعندما لجأ للعمدة أخذ العمدة رأيها فأصرت على حقها في التزوج به ، فانتوى أخوها قتلها غسلا للعار فاضطرت للهرب ليلا وتعرفت بزوجة سيد زناتي التي عرضت عليها ان تعمل معهم لما وجدتها بلا مأوى ، وأن تتزوج من سيد زناتي ، فوافقت ليكون مقامها معهم شرعيا وتحصنا من وساوس الشيطان ، وظل حبيبها السابق يجوب البلاد بحثا عنها ، حتى عثر عليها وحكى قصته لسيد زناتي الذي أخذته الشهامة وطلقها ليتزوجها حبيبها الأول ، لكن أخوها ينقض عليهم وينجح في قتل أخته وحبيبها قبل أن يمسكوا به ، لكن لم يكن هذا السبب في دخول بطل الرواية السجن ، فقد انتهت هذه القضية بسلام ، ترى هل قبضوا عليه لأنه كان من الإخوان ؟ لا أذكر المهم أن القصة تنتهي وهو في السجن ، لماذا يا عمدة دخل السجن ، لماذا ؟ عندما أتذكر سوف أحكي لكم.